كل الانشطة و المستجدات   الانشطة و المستجدات

كلمة رئيس الحكومة السيّد الحبيب الصيد بمناسبة عرض مشروع الميزان الإقتصادي وميزانية الدّولة لسنة 2016

نشرت : 2015/11/26

كلمة رئيس الحكومة السيّد الحبيب الصيد بمناسبة عرض مشروع الميزان الإقتصادي وميزانية الدّولة لسنة 2016

بسم الله الرّحمان الرحيم

والصّلاة والسّلام على أشرف المرسلين

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب، 

يشرفني أن أعرض أمام مجلسكم الموقّر مشروع الميزان الإقتصادي وميزانية الدّولة لسنة 2016، وهي أوّل ميزانية يتمّ إنجازها من طرف الحكومة الحالية.

وإنّها مناسبة لتعميق الحوار والتشاور بين السّلطتين التنفيذية والتشريعية حول مضمون هذا المشروع وأهدافه والسّبل الكفيلة بتذليل الصّعاب والنهوض بالأوضاع الإقتصادية والإجتماعية على درب تجسيم استحقاقات ثورة 17 ديسمبر- 14 جانفي.

كما أنّها مناسبة لجعل شعبنا على دراية تامة بالإشكاليات والتحدّيات القائمة وما تتطلّبه من إصلاحات عميقة وتعبئة شاملة لتحقيق الإنتعاشة المنشودة والزيادة في الثروة الوطنية وتوزيع ثمارها بأقرب ما يكون من العدل على كافة الفئات والجهات.

وستُمكّن الوثائق المعروضة عليكم والحوار الذي سيدور في رحاب مجلسكم الموقّر بخصوص مختلف أبواب مشروع الميزانية ومشروع قانون المالية من الإحاطة بتفاصيل الجوانب الإقتصادية والإجتماعية والمالية وغيرها والإلمام بالتوجهات والأهداف المرسومة للسنة المقبلة.

لذلك سأكتفي في هذا البيان باستعراض أهم الملامح والتوجهات الكبرى.

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب،

إنّ استشراف الآفاق وضبط الخيارات والتوجهات وتحديد الأهداف يقتضي الإنطلاق من تشخيص الوضع القائم بتحدّياته ورهاناته والوقوف على مكامن الضعف لتجاوزها وعلى الطاقات الكامنة لحسن استثمارها وإحكام توظيفها بما يستجيب للإنتظارات والتطلّعات.

ومثلما سبق لي الإشارة إليه في عدّة مناسبات فقد واجهت الحكومة ظرفا إستثنائيا بكلّ المقاييس ووضعا دقيقا ومتشعّبا جرّاء عديد التّراكمات والمستجدّات في مرحلة انتقاليّة حساسة.

وقد تجلّت جسامة الصعوبات والتحديات بالخصوص من خلال استفحال المخاطر الإرهابية واضطراب الوضع الإجتماعي وضعف هياكل الدولة وتدنّي الإنتاج والإنتاجيّة وتراجع قيمة العمل وتفشّي التهريب والتجارة الموازية وتقلّص موارد ميزانية الدولة وتدهور القدرة الشرائية وتردّي الوضع البيئي.

كما واجهنا معضلة المشاريع المعطّلة التي تبلغ كلفتها ما يفوق 10 ألاف مليون دينار والتي تشمل البنية الأساسية والمرافق الجماعية والخدمات العمومية فضلا عن تقلّص نسبة الإستثمار من الناتج المحلّي الإجمالي من 24 بالمائة سنة 2010 إلى 18 بالمائة سنة 2014.

وقد كان لمختلف هذه الصعوبات والإشكاليات التأثير السّلبي على نسبة النمو التي تراجعت من 3.9% سنة 2012 إلى 2.3% سنة 2014 مع إمكانية أن لا تفوق 0.5% سنة 2015.

وفي ضوء التشخيص الذي قمنا به كان لا مناص من اتخاذ إجراءات عاجلة استثنائية لمجابهة وضع استثنائي ولوقف النّزيف إلى جانب بلورة الإصلاحات والبرامج والمشاريع بالنسبة إلى المرحلة القادمة.

ومن أوكد الإجراءات العاجلة تسخير كلّ الجهود والطاقات لمواجهة آفة الإرهاب التي تهدّد أمن الوطن واستقراره وسلامة المواطنين ومؤسسات النظام الجمهوري والإقتصاد الوطني ونمطنا المجتمعي.

وإذ مثلت العمليات الإرهابية الجبانة ضربات موجعة فإننا ماضون في إتخاذ الإجراءات والتدابير الضرورية ومزيد تفعيل المقاربة الجديدة في العمل الأمني التي ترتكز على الإستباق وملاحقة الإرهابيين في أوكارهم وتجفيف منابع هذه الآفة.

ورغم المصاب الجلل فقد توفقنا إلى تحقيق نجاحات نوعية وكشف النقاب عن مخططات إرهابية خطيرة وتفكيك عديد الخلايا الإرهابية النّائمة.

وقد تمّ على سبيل الذكر منذ تسلّم الحكومة لمهامها الاحتفاظ بأكثر من 2600 عنصر ثبت انتماؤهم إلى تنظيم إرهابي والكشف عن 34 خلية مسلحة وتخريبية وضبط 12 شبكة للتمويل.

كما تم ضبط 57 شبكة لتسفير الشبان للقتال بسوريا إضافة إلى 21  خلية تحريض على الأنترنات.

وبالتّوازي عملنا ولا نزال على تدعيم المعدّات والتجهيزات والإمكانيات اللّوجستية لفائدة المؤسستين الأمنية والعسكرية. وقد تم للغرض تخصيص اعتمادات إضافية بــ 306 م د بالنسبة إلى السنة الجارية ضمن قانون المالية التكميلي.

وسعيا إلى تعزيز أمن بلادنا وسلامة ترابها أولينا عناية خاصة لتأمين حماية الحدود الجنوبية الشرقية وتدعيم الترتيبة الدّفاعية بين رأس جدير والذهيبة بتركيز حواجز حيث تمّ إنجاز  200 كلم بلغت نسبة تقدم أشغالها 80 بالمائة إلى حدود 20 نوفمبر 2015. كما تمّ تدعيم المنظومة بإنشاء مراكز مراقبة لمنع تسلّل الإرهابيين.

ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أنحني إجلالا لأبطال قواتنا الأمنية والعسكرية الباسلة وأن أترحّم على أرواح شهدائها والشهداء المدنيين.

وإذ نواصل جهود التوقي من الإرهاب ومكافحته بدون هوادة فإنه لا بدّ أن يعي الجميع بأننا نخوض حربا شرسة وبأن المخاطر الإرهابيّة ما زالت قائمة خاصة في ضوء الظروف الإقليمية والوضع في ليبيا الشقيقة.

إنّ الحرب سِجال وتقتضي اليقظة والجاهزية التامة والتضحية وطول النفس ومعاضدة المؤسستين الأمنية والعسكرية وضمان تفرّغهما التام للقيام بواجبها المقدّس.

إنّ بلادنا تعيش وضعا استثنائيا تتعدّد فيه المخاطر الجسيمة وظرفا عصيبا تتربص فيه عصابات الإرهاب والقتل والإجرام بوجود الدولة واستمراريتها.

وعلى كافة الأطراف أن تتحمل مسؤولياتها كاملة، فقد حان وقت الفرز بين حماة الوطن وبين أعداء الوطن في الداخل والخارج.

وأعلنها بكل وضوح أن كل من يمسّ من معنويات قواتنا العسكرية والأمنية ويشكك فيها إنما يسوّق للإرهاب ويبيضه ويعتبر حليفا له.

كما أنه لا مجال للتساهل والتسامح مع كل من يروج لما يبثه الإرهابيون على شبكات التواصل الإجتماعي وغيرها فلا حياد مع الإرهاب وسنثأر لأرواح شهدائنا البررة ولكلّ قطرة دم زكية.

ولن نتردّد في تطبيق القانون بكل صرامة.

وإنّنا على يقين بأنّنا سنكسب الحرب على الإرهاب ونقتلعه من جذوره.

وفي إطار تفعيل قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال بادرت الحكومة بإصدار النص التطبيقي المتعلق بتنظيم اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب التي ستتولى بالخصوص اقتراح التدابير التي يتعين اتخاذها بخصوص التنظيمات أو الأشخاص الذين لهم علاقة بالجرائم الإرهابية وإصدار المبادئ التوجيهية الكفيلة بالتوقي من الإرهاب ومكافحته والمساعدة على وضع البرامج والسياسات الهادفة إلى منع الإرهاب وضبط الآليات الكفيلة بتنفيذها إلى جانب التعاون مع المنظمات الدولية ومع مكونات المجتمع المدني المعنية بمكافحة الإرهاب.

كما بادرت الحكومة بتوفير الآليات الكفيلة بالتعويض لضحايا الإرهاب أو أولي الحق منهم وذلك بتنقيح القرار المحدث لحساب أموال المشاركة الخاص بالتعويض للأمنيين والعسكريين وأعوان الديوانة ضحايا الأعمال الإرهابية ليشمل التعويض جميع المتضررين من تلك الأعمال وفقا لما ينص عليه القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال وليشمل كذلك تمويل عمليات مكافحة الإرهاب.

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب،

اعتبارا إلى أن السّلم الإجتماعية تمثل إحدى الدّعائم الأساسية لتحقيق الإستقرار والتفرّغ للعمل والإنتاج وتهيئة المناخ الملائم للإستثمار وإحداث المشاريع، فقد بذلنا قصارى الجهد لتنقية المناخ الإجتماعي.

ويندرج في هذا السياق تفعيل الإتفاقيات المبرمة في الفترة السابقة لمباشرة الحكومة الحالية لمهامها وإبرام الإتفاق المتعلّق بالزيادات العامة في الأجور بعنوان سنتي 2015 و2016 وفي المنح الخصوصية بعنوان سنوات 2016 و2017 و2018 في قطاع الوظيفة العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية إلى جانب فتح مفاوضات في القطاع الخاصّ. كما تمّ الترفيع في الأجر الأدنى المضمون لمختلف المهن والأجر الأدنى الفلاحي المضمون.

وإن كان للسّلم الإجتماعية كلفتها فإننا نعتقد أنّ ليس لها ثمن شريطة الإنصراف التامّ إلى العمل والإنتاج ونبذ كل أشكال التراخي والتقاعس والتواكل.

ونطمح إلى تجاوز كلّ النقائص والإخلالات في السياسات والبرامج الإجتماعية في إطار رؤية استراتيجية وتوجّهات واضحة.

ويتنزّل في هذا السياق العمل على الإرتقاء بالحوار الإجتماعي بين الأطراف الإجتماعيين والفاعلين الإقتصاديين وإصلاح منظومة الحماية الإجتماعية وإرساء منوال جديد للعلاقات الشّغليّة بها يضمن حماية العمّال ويحافظ على ديمومة المؤسسة ويُؤمّن حماية متطورة وإدماج فعلي للفئات ذات الإحتياجات الخصوصية .

وقد تمّ في هذا الإطار إحالة مشروع القانون المتعلق بإحداث مجلس وطني للحوار الإجتماعي وضبط مشمولاته وكيفية تسييره على مجلس نواب الشعب.

وتمثّل سنة 2016 سنة محورية في المجال الإجتماعي إذ ستشهد الشروع في الإصلاحات وتجسيم التوجهات الكبرى استنادا إلى الوثيقة التوجيهية للمخطط القادم وذلك بالخصوص من خلال :

§       الشروع في إصلاح منظومة الحماية الإجتماعية،

§        القيام بالدراسات الأولية لمراجعة بعض أحكام مجلة الشغل بشأن بعض المسائل على غرار تشغيل الأطفال والتمثيلية النقابية وعطلة الأمومة،

§       إعداد الخارطة الوطنية للأخطار المهنية وذلك في إطار تحسين ظروف العمل والنهوض بالصحة والسلامة المهنية وتنفيذ الإستراتيجية الوطنية للوقاية من الأخطار المهنية.

§       تفعيل الإجراء الخاص بالترفيع في نسبة تشغيل الأشخاص المعوقين إلى 2% بالوظيفة العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية والقطاع الخاص.

وستشهد سنة 2016 مواصلة دعم الفئات محدودة الدّخل ورعاية المعوقين باعتمادات تناهز 542 مليون دينار.

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب،

لقد أكّدنا في بياننا يوم 5 فيفري 2015 أمام مجلسكم الموقّر أنّ الحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطنين ومكافحة الإحتكار والمضاربة تمثل إحدى الإستحقاقات الملحّة.

وتعهّدنا باتخاذ التدابير الكفيلة بالتحكّم في الأسعار وتنظيم السّوق.

وتكريسا لهذا التمشي بادرنا بتنشيط كلّ من المجلس الوطني لحماية المستهلك واللّجان الجهوية للتحكّم في الأسعار والتوافق مع أهل المهنة بخصوص تخفيضات إرادية، إلى جانب تكثيف المراقبة الإقتصادية بمختلف مسالك التوزيع، ومواصلة تجميد أسعار المواد الأساسيّة المدعّمة.

وقد كان للإجراءات المتخذة الأثر الإيجابي في تخفيض مؤشر الأسعار عند الإستهلاك العائلي لمجموعة الموادّ الغذائية. كما تراجعت نسبة التضخّم من 5،7 بالمائة إلى 4،6 بالمائة حاليّا.

وسيتواصل خلال سنة 2016 دعم الجهود والإجراءات الكفيلة بالحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين وخاصة منهم متوسّطي ومحدودي الدّخل.

وقد خصصت ضمن مشروع ميزانية الدولة للسنة القادمة اعتمادات تقدّر بـ 2612 مليون دينار لدعم الموادّ الأساسية والمحروقات والكهرباء والنقل. 

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب،

يمثل التهريب والتجارة الموازية آفة محدقة بالاقتصاد الوطني وتهدّد الأمن الوطني خاصة في ضوء الترابط في كثير من الأحيان بين التهريب والإرهاب وتبييض الأموال والفساد.

لذلك تعهدنا منذ مباشرة الحكومة لمهامها بمقاومة هذه الآفة بكل ما أوتينا من جهد.

وقد عملنا في هذا السّياق على تسخير ما لدينا من إمكانيات بشرية وماديّة وتكثيف المراقبة في المراكز الحدودية وفي الأسواق وإحكام تطبيق الإجراءات القانونية والترتيبية ذات الصّلة إلى جانب الحرص على إدماج متعاطي الأنشطة غير المهيكلة في المنظومة القانونية.

وبفضل تضافر جهود مختلف الهياكل المعنية تمت الإطاحة بعديد شبكات التهريب الخطيرة وإحالتها إلى القضاء.

وقد أحبطت وحدات الأمن الوطني في إطار مكافحة التهريب والتجارة الموازية خلال الفترة الممتدّة من فيفري إلى أكتوبر 2015 ما يقارب 810 عملية تهريب تورّط فيها ما يفوق 720 شخصا.

كما تمّ حجز كميّات هامة من البضائع المهرّبة في الحدود وفي مخازن مخفيّة وفي الأسواق والموانئ والمطارات.

وتبقى هذه الجهود على أهميتها غير كافية وتتطلب تطوير التشريعات والتراتيب والآليات الكفيلة بالتصدّي الناجع والدائم للتهريب والتجارة الموازية.

ويندرج في هذا السّياق إقرار برنامج متكامل يرتكز أساسا على إصلاح المنظومة الديوانية على مدى خمس سنوات بهدف التقليص من نسبة التهريب إلى حدود 20 بالمائة سنة 2020.

ويتضمّن هذا البرنامج مراجعة نسب المعاليم الديوانية المستوجبة عند التوريد للتقليص فيها وحصرها في نسبتين صفر بالمائة و20 بالمائة وذلك للحثّ على توريد البضائع عبر المسالك القانونية.

كما يتضمّن البرنامج عديد الإجراءات الأخرى على غرار اقتناء أجهزة إلكترونية متطوّرة وتدعيم وسائل الاتصال ووسائل النقل فضلا عن مراجعة انتشار الحرس الديواني وتوسيع مهامه في إطار خطّة متكاملة وتطوير الموارد البشرية.

وأودّ التأكيد في هذا السّياق حرص الحكومة الدّؤوب على تكريس مقوّمات الحوكمة الرّشيدة على كافة المستويات وتفعيل آليات المساءلة والرقابة ومقاومة الإخلالات والفساد.

وليكن واضحا للجميع أنه لا مجال للتستّر على ممارسات الفساد والمحسوبية والتقصير وإهدار المال العام مهما كان مأتاها.

وقد أحلنا عديد الملفات المتعلقة بشبهة سوء تصرّف أو فساد إلى الهيئات الرقابية المختصة والقضاء.

وإنّنا نعوّل على تضافر جهود الحكومة والهياكل المختصة والقضاء والمجتمع المدني لدرء الفساد بمختلف أشكاله والتصدّي له.

كما أنّنا حريصون على تركيز هيئة الحوكمة الرّشيدة ومكافحة الفساد خلال سنة 2016 والتي ستتولى بالخصوص رصد حالات الفساد في القطاعين العام والخاص والتقصّي فيها والتحقّق منها وإحالتها على الجهات المعنية والإسهام في تعزيز مبادئ الشفافية والنّزاهة والمساءلة.

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب،

من ضمن المعضلات التي واجهتها الحكومة تردّي الوضع البيئي وهو ما كان له آثار وتبعات سلبية على نوعية الحياة.

ورغم الجهود المبذولة فإنّ النتائج كانت دون الإنتظارات والأهداف المرسومة وذلك لعدّة أسباب منها على وجه الخصوص ما وقفنا عليه من تعطّل عدد من المشاريع البيئية ونقص الإمكانيات البشرية والماديّة وضعف أداء النيابات الخصوصية للبلديات وتفاقم الانفلاتات والإنتهاكات البيئية وتدنّي الحسّ المدني.

ولمجابهة هذا الوضع أعددنا خطة شاملة وميدانية للعناية بالبيئة والنظافة بمساهمة الهياكل الرسميّة والجماعات المحليّة ومكوّنات المجتمع المدني.

وستتواصل الجهود خلال سنة 2016 لمعاضدة البلديات لتحسين الإطار الحياتي للمواطن، وإنجاز جملة من البرامج والمشاريع البيئية وبعث مشاريع ومهن صغرى صديقة للبيئة على غرار مشروع السياحة الإيكولوجية والمحافظة على التنوع البيولوجي الصحراوي والتصرف المستدام في المنظومات الواحية بالجنوب التونسي.

كما سننطلق في إنجاز المشروع المندمج لإزالة التلوث ببحيرة بنزرت وإنجاز مشاريع تثمين النفايات خاصة بجزيرة جربة ومنطقة تونس الكبرى.

وستتواصل كذلك مشاريع التطهير من خلال إعادة أشغال محطة التطهير بالعطار بمنطقة السيجومي وعدد من المحطات الأخرى خاصة بالولايات الداخلية وتحسين نوعية المياه المعالجة بعدد من المحطات وتوسيع الشبكات والإنطلاق في المشروع الخامس لتطهير بالأحياء الشعبية.

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب،

من أبرز الإشكاليات التي واجهتها الحكومة تعطّل إنجاز عديد المشاريع الهامّة ذات الأبعاد والإنعكاسات الإقتصادية والإجتماعية والتنموية.

وقد أولت الحكومة هذه الإشكالية عناية خاصة وعملت على إزالة مختلف الصعوبات والتعطيلات والانطلاق في تنفيذ المشاريع المتعثّرة أو استئناف أشغالها.

وبالفعل فقد توفّقنا إلى استئناف إنجاز عدد هام من المشاريع ومنها على سبيل المثال ما يهمّ الطّرقات والطرقات السيارة والمحوّلات والشبكة الحديدية السّريعة والتزوّد بالماء الصالح للشراب وحماية المدن من الفيضانات.

وفي إطار الحرص المتواصل على استحثاث نسق إنجاز مشاريع البنية التحتية الجارية والإسراع في الإنطلاق في إنجاز كل البرامج السابقة سترتكز الجهود خلال سنة 2016 بالخصوص على :

§       استكمـــــــــــــــال إنجـــــــــــــــــــاز مشاريــــــــع الطرقـــــات الســـيــــــارة بكــــلفـــة جُمليــــــــة تّقــــــــدّر بــ 2200 م د .

§       مواصلة أشغال الشبكة الحديدية السّريعة التي تبلغ كُلفتها 3200 م د

§       استحثاث نسق مشروع تطوير غاز الجنوب الذي رُصِد له 1300 م د.

وذلك إضافة إلى مواصلة برنامج السّدود الذي تبلغ كُلفته 560 م د ومياه الشرب بكُلفة 325 م د . كما سيتواصل إنجاز مشاريع السكن الاجتماعي بكُلفة 600 م د .

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب،

 يشهد القطاع السياحي صعوبات جمّة جراء العمليات الإرهابية، فقد تراجع عدد السياح الوافدين على بلادنا إلى غاية 20 أكتوبر المنقضي بنسبة تقارب 27 % مقارنة بنفس الفترة من سنة 2014.

كما تراجعت العائدات المالية بنسبة تقارب 32 %.

وقد انعكس هذا التراجع على نشاط المؤسسات السياحية وخاصة النزل التي أغلق 25 % منها.

وقد بادرنا باتخاذ عديد الإجراءات للتخفيف من وطأة هذا الوضع خاصة على المستوى الإجتماعي إلى جانب إعادة جدولة القروض والتخفيض في نسبة الأداء على القيمة المضافة.

كما تمّ تكثيف الحملات الترويجية إلى جانب وضع استراتيجية لدفع القطاع السياحي بالتركيز على الإرتقاء بجودة المنتوج وتنويعه وتحديث القطاع وإرساء قواعد حوكمة جديدة فضلا عن مزيد الإهتمام بقطاع الصناعات التقليدية ومعالجة إشكالياته الظرفية الهيكلية.

ويبقى هذا التمشي في حاجة ماسة إلى مزيد بلورة الرؤى والخطط الكفيلة بمزيد تنويع مكوّنات القطاع السياحي وإحكام استغلال الإمكانيات المتاحة في مجالات السياحة الثقافية والسياحة البيئية والسياحة الصحراوية والسياحة الصحية وغيرها. وهو ما نحرص على تكريسه بالتعاون والتشاور مع أهل المهنة وكافة الأطراف المعنية.

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب،

لقد حدّدت الوثيقة التوجيهية للمخطط التنموي 2016-2020 الأهداف والسياسات بالنسبة إلى الخماسية المقبلة والتي تتمحور بالخصوص حول الحوكمة الرشيدة والإصلاحات وتنويع النسيج الاقتصادي والإرتقاء بقدرته التشغيلية والنهوض بالتنمية البشرية والإدماج الاجتماعي وتجسيم طموح الجهات وتعزيز مقومات الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة.

وعلى هذا الأساس تمّ الشروع في ضبط المخطط القادم الذي انتهت أشغال المرحلة الأولى من إعداده وهي مرحلة التشخيص على الصعيدين الجهوي والقطاعي.

وفي ضوء الإستنتاجات التي أفرزتها مرحلة التشخيص سيتمّ خلال المرحلة الثانية بلورة الرؤية الاستراتيجية والبرامج والمشاريع المقترحة.

ومن أهداف المنوال التنموي للفترة 2016-2020 الاسترجاع التدريجي للنشاط الاقتصادي خلال السنتين الأوليين لتكريس الإقلاع الاقتصادي بداية من سنة 2018 بمعدل نموّ للناتج المحلي الإجمالي بــــ 5% .

كما أن من الأهداف المرسومة الإرتقاء بنسبة الاستثمار إلى حدود 25% من الناتج في أفق سنة 2020 مقابل 18.5% سنة 2015 ليبلغ بذلك الحجم الجملي للاستثمارات 125 مليار دينار إلى جانب تحسين مناخ الأعمال والتّقدم في تنفيذ الإصلاحات الكبرى.

وقد تمّ إعداد مشروع الميزان الاقتصادي ومشروع ميزانية الدولة لسنة 2016 وفقا لخصائص المنوال التنموي الجديد والأولويات التي حدّدتها الوثيقة التوجيهية للمخطط التنموي 2016-2020 مع الأخذ بعين الاعتبار الرهانات والتحديات المطروحة.

وتبلغ الاعتمادات المرصودة لمشروع ميزانية السنة القادمة  29250 مليون دينار قبضا وصرفا أي بزيادة 7.1% بالمقارنة مع ميزانية السنة المنقضية.

وتبلغ نفقات التصرف 18619 مليون دينار في حين تُقدّر نفقات التنمية بـــ 5401 مليون دينار وتُقدّر خدمة الدين العمومي بــــــ 5130 مليون دينار.

وقد ضُبطت تقديرات مشروع ميزانية السنة القادمة على أساس تجاوز ركود نسق النمو خلال الفترة المنقضية وتحقيق نسبة نمو بـ 2.5%.

كما سترتكز الجهود على حصر عجز ميزانية الدولة في حدود 3.9% والعجز الجاري للمدفوعات الخارجية في حدود 8.3% مقابل 8.9% سنة 2015 والتحكم في مستوى المديونية حتى لا يتجاوز 53%.

ومن ضمن الأهداف المرسومة كذلك تحسين مناخ الأعمال واستحثاث المبادرة الخاصة وتطوير نسبة الاستثمار لتبلغ 18.7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة 2016.

ويتطلّب تحقيق الأهداف المنشودة في مختلف المجالات إرساء إصلاحات كبرى شرعنا في تجسيمها وخاصة منها إصلاح المالية العمومية والقطاع البنكي والمنظومة الجبائية والتصدي للتهرب الجبائي وإصلاح الديوانة وسن إطار قانوني جديد للاستثمار ووضع إطار قانوني ومؤسّساتي جديد للشراكة بين القطاعين العام والخاص والنهوض بالاقتصاد الإجتماعي التضامني وتعزيز مقوّمات الإدماج الاجتماعي.

كما أننا نستعد لإعداد جيل جديد من الإصلاحات تشمل بالخصوص منظومة التكوين المهني والسوق المالية وقطاع التأمين ومجلة الصرف والمؤسسات والمنشآت العمومية وتطوير الإدارة والإجراءات الإدارية.

وبالتوازي ستشهد سنة 2016 انطلاق عديد المشاريع الإستراتيجية الكبرى في المجال الرقمي، حيث سيتمّ تدعيم البنية التحتية الإتصالية بإسناد إجازات جديدة للإتصالات الجوالة من الجيل الرابع.

كما سيتم تنفيذ مشروع وضع منصة للتصرف في قاعدة معطيات خرائطية موجهة للتموقع الجغرافي في إطار الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص بما يمكن من توفير قاعدة رقمية لاحتواء عديد الخدمات الموجهة لمختلف القطاعات التنموية التي يتم تطويرها من طرف كفاءات تونسية شابة ومؤسسات وطنية فتية.

وسنقوم بإعادة هيكلة البريد التونسي لمزيد تقريب خدماته من المواطن وتطويرها وضمان ديمومة المؤسسة وتعزيز دورها كمرفق عمومي عبر إقرار إصلاحات هيكلية لتعزيز تموقعها صلب المنظومة المالية.

وسيساهم القطاع الرقمي في المجهود الوطني للتشغيل خاصة لفائدة أصحاب الشهادات الجامعية بإحداث 3200 موطن شغل إضافي ستوفرها كبرى المؤسسات العالمية في مجال نقل الخدمات خارج بلد المنشأ كدفعة أولى من 50 ألف موطن شغل إضافي سيوفرها هذا المجال خلال الخمس سنوات القادمة.

وتظل العناية بالقطاع الفلاحي والعمل على تطويره وتعزيز مقومات الأمن الغذائي توجها ثابتا نحرص على ترسيخه من خلال تدعيم الإحاطة بالفلاحين وتوفير مستلزمات الإنتاج ومعالجة الإشكاليات القائمة إلى جانب تسوية الأوضاع العقارية ورسم التوجهات الملائمة.

وتندرج في هذا السياق عديد المشاريع والإجراءات وخاصة منها :

§       إحكام الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية والمحافظة عليها

§       توسيع المناطق السقوية

§       تكوين مخزون احتياطي من البذور

§       إحكام منظومات الإنتاج الفلاحي والصيد البحري

§       مواصلة تصفية العقارات الخاضعة للتصفية الإدارية كأراضي الإنزال والأحباس والأراضي الاشتراكية، وذلك بهدف إدخالها في الدورة الاقتصادية

§       مواصلة إنجاز الخطة الوطنية لإعادة هيكلة الأراضي الدولية الفلاحية مع إحكام متابعة الباعثين الفلاحيين المستغلين لهذه الأراضي

§       المحافظة على الرصيد العقاري الوطني وإحكام استغلاله كدعامة أولى للإنتاج الفلاحي

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب،

يظل النهوض بالموارد البشرية وتنمية قُدراتها وتثمين طاقاتها إحدى الأولويات الأساسية.                                                                      

ويندرج في هذا السياق العمل على ضمان جودة المنظومة التربوية وتحسين التشغيلية عبر تكريس مبدأ "النجاح استحقاق" وبعث ديوان للخدمات المدرسية بالنسبة لمنظومة التربية وكذلك عبر دعم التكوين التطبيقي ومواصلة دعم الأنشطة الثقافية والرياضية والعمل الجمعياتي صلب الجامعات.

وإيمانا منّا بأهمية دعم الثقافة والمحافظة على التراث فقد تم الترفيع في ميزانية وزارة الإشراف بنسبة 20 % وسنعمل على استئناف الأشغال المتعلقة بإنجاز مدينة الثقافة وتثمين التراث لإدماجه في السياحة الثقافية وتطوير إسهامه في التنمية إضافة إلى تعزيز اللامركزية الثقافية.

وبهدف حماية ودعم حقوق المرأة والطفولة سيتم إصدار القانون الإطاري الشامل لمناهضة العنف ضد المرأة وإصدار الأُطر القانونية الخاصة لمركز حماية النساء ضحايا العنف واستكمال بعث مشاريع صغرى لفائدة أُسر تُعيلها امرأة.

وسنعمل على الإرتقاء بأوضاع الطفولة المبكرة ومؤسسات ما قبل الدراسة وتطوير برامج الرعاية الموجهة للطفولة الفاقدة للسند والإرتقاء بمنظومة حماية الطفولة.

وقد سجلت ميزانية وزارة المرأة والأسرة والطفولة زيادة بنسبة 25 % مقارنة بالسنة المنقضية.

هذا إلى جانب مزيد الاهتمام بالتونسيين بالخارج واعتماد الاستراتيجية الجديدة للهجرة والنهوض بالهجرة المنظمة والوقاية من الهجرة غير المنظّمة. وقد تم في هذا الإطار إحالة مشروع القانون المتعلق بإحداث مجلس وطني للتونسيين بالخارج على مجلسكم الموقّر.

وبالتوازي سيتمّ تطوير المنظومة الصحية من خلال مزيد دعم الخدمات الوقائية والرعاية الصحية الأساسية وتعزيز التغطية بالخدمات الصحية إضافة إلى دعم القطاع العمومي للصحة من خلال مراجعة الأنظمة الأساسية للوظائف الاستشفائية وتطوير التكوين المستمر.

أما فيما يخص قطاع الشباب والرياضة فسيتم بالخصوص تنظيم حوار مجتمعي حول الشباب لصياغة وثيقة الاستراتيجية الوطنية للشباب ومراجعة منظومة التنشيط وإحداث دور شباب جديدة ومواصلة دعم المؤسسات الشبابية بالتجهيزات الأساسية والتربوية والشروع في توزيع بطاقة شاب.

وبالتوازي أعددنا برنامجا طموحا يشمل بالخصوص تطوير عدد الملاعب والرفع من عدد القاعات الرياضية والرفع من نسبة تدريس مادة التربية البدنية بجميع مراحل التعليم مع مزيد العناية بالرياضة المدنية إضافة إلى تنفيذ برنامج الإحاطة بالنخبة الرياضية الوطنية والاستعداد للألعاب الأولمبية البرازيل سنة 2016.

وقد تطورت ميزانية وزارة الشباب والرياضة بنسبة 11 % مقارنة مع سنة 2015.

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب،

تتميّز سنة 2016 بالشروع في تنفيذ استراتيجية وطنية للتنمية الجهوية تنبني على خمسة ركائز وهي :

أولا : تحقيق الترابط والتواصل بين الجهات وذلك من خلال تطوير البنية الأساسية وتخصيص قرابة 70% من اعتمادات البرنامج الجهوي للتنيمة لسنة 2016 لتعبيد المسالك الريفية وتدعيم أسطول النقل البري بين المدن إضافة إلى الشروع في تزويد المناطق الداخلية بالانترنات ذات السعة العالية.

ثانيا :  دفع التنمية بالجهات والرفع من جاذبيتها وذلك بإسناد حوافز مالية بعنوان عمليات الاستثمار المنجزة في مناطق التنمية الجهوية والمنظومات الاقتصادية على أساس مؤشر التنمية الجهوية الذي يأخذ بعين الاعتبار المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والبنية التحتية ويندرج في إطار التمييز الإيجابي للجهات.

ثالثا : تطوير منظومة تمويل التنمية الجهوية من خلال بعث صناديق خصوصية للجهات في إطار تدخلات الصندوق التونسي للاستثمار وتفعيل الزيادة في رأس مال بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة لدعم مساهمته في تمويل المشاريع خاصة بالجهات الداخلية. إضافة إلى تدعيم تدخلات شركات الاستثمار الجهوية ذات رأس مال تنمية وصندوق الودائع والأمانات والشركة التونسية للضمان لتعزيز دورها في تمويل الاقتصاد الجهوي.

رابعا : تحسين الظروف المعيشية على المستويين الجهوي والمحلي عبر تخصيص 350 م د لتحسين ظروف العيش في إطار البرنامج الجهوي للتنمية لسنة 2016 ستُوجّه لتزويد الجهات خاصة بالماء الصالح للشرب والتنوير والطرقات والمسالك. إضافة إلى تخصيص اعتمادات قدرها 50م د لفائدة برنامج التنمية المندمجة وذلك لمواصلة تنفيذ الجزء الأول والثاني ليشمل 90 معتمدية.

خامسا : دعم اللامركزية وإرساء الحوكمة الجهوية والمحلية وذلك من خلال استكمال بناء النظام السياسي والمؤسساتي بإجراء انتخابات المجالس البلدية والجهوية والقيام بتقسيم جديد للتراب الوطني إضافة إلى تدعيم الجهات بالموارد البشرية من خلال إعادة توظيف الإطارات وتحفيزهم على العمل بالجهات الداخلية. فضلا عن الشروع في إصلاح منظومة الجباية المحلية وبلورة استراتيجية تطوير الإحصائيات الجهوية.

-   وستخصّص اعتمادات إضافية في حدود 80 م د بعنوان سنة 2016 لفائدة عدد من الولايات الأقل نموا تُحدّد بالاعتماد على مؤشّر التنمية الجهوية.

-  وسيتم كذلك تخصيص الجيل الثالث من برنامج التنمية المندمجة لفائدة المعتمديات الحدودية وذات مؤشر التنمية الأضعف.

وفي إطار السعي إلى تفعيل مقتضيات التمييز الإيجابي بين الجهات الذي أقرّه الدستور في فصله الثاني عشر سيتمّ كذلك خلال سنة 2016 :

§       إحداث فقرة بميزانية وزارة التجهيز تحت عنوان "مشاريع خاصة بالولايات ذات الأولوية" وترسيم مبلغ قدره 90 م د  لسنة 2016 لإنجاز مشاريع المسالك الريفية بالمناطق الأقلّ حظا.

§       الشروع وإنهاء تحرير الحوزة العقارية لمشروع إيصال الطريق السيارة إلى ولايات القيروان وسيدي بوزيد والقصرين وقفصة (بطول 385 كلم وتكلفة تقديرية تناهز الــ 2110 مليون دينار دو ن اعتبار قيمة تحرير الحوزة)، ولذلك بعد أن تم الانتهاء من إعداد ملفات طلب العروض المتعلقة بالقسط الأوّل الرابط بين تونس وجلمة على طول 188 كلم .

§       الاعتناء بالربط بين الأقاليم والجهات وخاصة منها المناطق الداخلية بالموانئ البحرية والأقطاب الاقتصادية.

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،     

السيدات والسّادة نواب الشعب،

إن ما يشهده المحيط الجيوسياسي لبلادنا وما تعرفه الأوضاع الإقليمية والدولية من تغيرات متلاحقة وتطورات سريعة يقتضي التفاعل المتواصل معها بما يحفظ مصالح وطننا وذلك على أساس ثوابت السياسة الخارجية لبلادنا وخاصة منها احترام السيادة الوطنية وتنويع علاقات التعاون والشراكة على أوسع نطاق والمساهمة الفاعلة في فض التوترات والنزاعات بالطرق السلمية والإحتكام إلى الشرعية الدولية.

وفي هذا الإطار عملنا على تكثيف تبادل الزيارات في أعلى المستويات وعقد المشاورات السياسية واجتماعات اللجان العليا وعلى دفع وتنويع مجالات التعاون مع العديد من البلدان نذكر منها بالخصوص الجزائر والمغرب ومصر والأردن ودول الخليج وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي. كما حرصنا على تعزيز التواصل والتعاون مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية في شتى المجالات ذات الأولوية بالنسبة إلى بلادنا وتدعيم تواجد الكفاءات التونسية صلبها.

وعملت الحكومة من خلال تحركها الدبلوماسي في فضاءات انتمائها المغاربي والعربي والإفريقي والمتوسطي وعلى مستوى القارتين الأمريكية والآسيوية على توجيه رسائل إيجابية باتجاه شركائها وأصدقائها حول الوضع في البلاد وطمأنتهم على قدرتها على تجاوز الأزمات وإنجاح المرحلة الإنتقالية وعلى حشد الدعم السياسي والمالي والإقتصادي على المستوى الثنائي ومتعدد الأطراف.

وسنواصل العمل على توثيق عرى الصداقة والتعاون مع الدول العربية والإسلامية على المستوى الثنائي وفي إطار آليات التعاون العربي والإسلامي المشترك وسنسعى اعتمادا على رصيد الثقة والإحترام الذي نحظى به لدى هذه الدول لإيجاد حلول سياسية للنزاعات في ليبيا وسوريا والعراق واليمن وفي سبيل نصرة القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

كما سنحرص في إطار العلاقات مع الشريك الأوروبي على دفع التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف في اتجاه مزيد اندماج الإقتصاد التونسي في الإقتصاد العالمي وتوفير فرص جديدة للصادارت التونسية. وسنسعى كذلك إلى إنجاح الإستحقاقات القادمة مع الإتحاد الأوروبي وفي مقدمتها المفاوضات حول اتفاقية التبادل الحر المعمق والشامل بما يضمن مصالح بلادنا ويحقق مصلحة الطرفين في الأمن والتنمية.

كما ستعمل الحكومة في إطار استراتيجية تحرك واضحة الأهداف والآليات باتجاه افريقا التي تزخر بفرص تجارية واستثمارية واعدة قصد توثيق العلاقات السياسية والإنتقال من مستوى التعاون إلى مستوى الشراكة المربحة.

ونتطلع كذلك إلى تدعيم علاقات الصداقة والتعاون مع بلدان القارتين الآسيوية والأمريكية وخاصة مع اليابان والصين والهند والولايات المتحدة الأمريكية التي ارتقت علاقاتنا معها إلى مستوى العلاقات الإستراتيجية.

وستحرص الحكومة على مواصلة القيام بالإصلاحات الهيكلية والمراجعات والتقييمات الضرورية التي يتطلبها العمل على مستوى وزارة الشؤون الخارجية وفي مختلف بعثاتنا بالخارج لإعطاء دفع جديد للدبلوماسية التونسية وتمكينها من الآليات المطلوبة للمبادرة والعمل في أفضل الظروف لتبليغ صوت تونس والدفاع عن مصالحها في المحافل الدولية.

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب،

تجسيما لتعهداتنا بخصوص تطوير التشريعات القائمة وسنّ القوانين المستجيبة للإستحقاقات المطروحة في مختلف المجالات واستحثاث نسق التنمية بمختلف أبعادها، شهدت الأشهر المنقضية صدور 44 قانونا منها بالخصوص القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهــاب ومنع غسل الأموال والقانون المتعلق بإعادة تنظيم المنافسة والأسعار والقانون المتعلق بضبط الوظائف المدنية العليا والقانون المتعلق بإنتاج الكهرباء والغاز.

كما عرضت الحكومة على السلطة التشريعية 61 مشروع قانون نذكر منها على سبيل المثال مشروع قانون أساسي يتعلق بالقانون الأساسي للميزانية ومشروع قانون يتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي ومشروع قانون يتعلق بمنع الإتجار بالأشخاص ومكافحته ومشروع قانون يتعلق بحماية الأراضي الفلاحية ومشروع قانون يتعلق بتنقيح وإتمام بعض أحكام مجلة الإجراءات الجزائية.

وتعكف الحكومة حاليا على دراسة مجموعة من مشاريع القوانين قبل إحالتها على مجلس نواب الشعب ومنها على سبيل الذكر ما يتصل بالتصريح بالمكاسب وبالإثراء غير المشروع وحماية المبلغين عن الفساد .

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب،

يظل دستور 27 جانفي 2014 المرجع الأسمى الذي به نهتدي وعلى نهجه نسير والذي نحرص على الوفاء لمبادئه وتكريس أحكامه.

كما نحرص على التسريع في سن القوانين المجسّمة لمضامينه روحا ونصّا.

ويتنزل في هذا السياق مصادقة مجلس نواب الشعب على القانون الأساسي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء والقانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية.

ويندرج في السياق ذاته العمل على تجسيد اللامركزية والسلطة المحليّة خاصة من خلال مشروع قانون يتعلق بالجماعات المحلية فضلا عن مشروع قانون يتعلق بالانتخابات البلدية إلى جانب استكمال إرساء المؤسسات الدستورية وخاصة مكونات السلطة القضائية وهيئة الاتصال السمعي البصري وهيئة حقوق الإنسان وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة وهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد.

ونُؤكّد في هذا السياق الحرص الدؤوب على تدعيم أركان المسار الديمقراطي التعددي في نطاق دولة القانون والمؤسسات التي تصون الحقوق وتحمي الحريات.

كما نُجدّد التأكيد بأن حرية الفكر والرأي والتعبير والإعلام مكسب أساسي من مكاسب الثورة وحق دستوري لا مجال للتراجع عنه أو التفريط فيه تحرص الحكومة على صيانته وترسيخه.

السيد رئيس مجلس نواب الشعب،

السيدات والسّادة نواب الشعب،

لا أُذيع سرّا إذا قلت إن الظرف دقيق والأوضاع صعبة والتحديات جسيمة خاصة وأننا نخوض حربا شرسة ضد الإرهاب تتطلب إمكانيات مادية باهضة لا مناص من تعبئتها باعتبار  أن الأمر يتعلق بسلامة ترابنا ومناعة وطننا وأمن شعبنا وديمومة المسار الديمقراطي.

كما أنه لا تنمية ولا ازدهار بدون أمن وسلم إجتماعية.

وأقولها بصراحة ووضوح أن هذه المرحلة الحساسة لا تحتمل التجاذبات والمزايدات والمناكفات والحسابات الحزبية والسياسية الضيقة. بل تقتـــضي هبّة وطنيــــة شاملـــة ووحدة مقدّسة وإعادة الاعتبار لقيم العمل والبذل لتخــــــطّي الصّـــعاب وبـــلــــوغ بر الأمان.

وإنّ من مسؤولية الجميع حكومة وأحزابا ومنظمات وطنية ومجتمعا مدنيا وضع اليد في اليد ورص الصّفوف لحماية الوطن من المخاطر والتهديدات والتصدي لكل المحاولات الرامية إلى استضعاف الدولة وزعزعة أركانها.

فوجود دولة قوية بسلطان القانون وحكم المؤسسات شرط أساسي لتأمين الحريات العامة والفردية ومقاومة التجاوزات والقضاء على الفساد ودفع الاستثمار وإحداث مواطن الشغل ومقاومة الفقر والخصاصة.

وبقدر ما نتّفق على أن الظرف حساس والمرحلة دقيقة فإن تخطّيها ليس عصيّا على شعب قدّم للعالم مثالا متفردا في ثورة سلمية وانتقال ديمقراطي سلس جلب لبلادنا ولنخبنا وكفاءاتنا تقدير المجموعة الدولية الذي تجسّم كأبهى ما يكون من خلال منح جائزة نوبل للسلام للرباعي الراعي للحوار الوطني.

ومثلما توفقنا بالحوار إلى تأمين شروط الانتقال الديمقراطي فإننا بالتمسك بمنهج الحوار بين مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية لقادرون على تعزيز التوافق الوطني ورفع التحديات القائمة وكسب رهان الانتقال الاقتصادي والاجتماعي.

إن مناعة وطننا أمانة في أعناقنا جميعا من أجله تهون التضحيات وتذوب الحسابات الشخصية والاعتبارات الذاتية.

وإنّنا من ناحيتنا في الحكومة أحرص من يكون على تحمل الأمانة بشرف وتجرّد.

وإنّنا مُنفتحون على مختلف الآراء والمقترحات والانتقادات ما دامت الغاية ضمان سلامة المسار وخدمة المصلحة العليا للوطن.

قال تعالى : "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا"

صدق الله العظيم

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته